البرازيل 2010 .. يأتي اللاعبون ويذهبون ويبقى السيلساو مرشحا فوق العادة
"بيليه لعب يوما ما وكان الأفضل في التاريخ، أنا لعبت كذلك ورفعت لقب المونديال، كلانا رحل، وظل الفريق على قوته، يأتي اللاعبون ويذهبون، ويبقى السيلساو" هكذا قاد دونجا المدير الفني للبرازيل بلاده منذ 2006 إلى جنوب إفريقيا 2010، لا يعترف بالأسماء، ولا بالترشيحات الجماهيرية أو الإعلامية، وأحيانا لا يعترف بالأرقام حتى.
دونجا أو كارلوس كايتانو بليدورن، كان قائدا لراقصي السامبا في 1994 حينما أعاد السيلساو لمنصة التتويج بعد غياب 24 عاما، واليوم عليه تكرار المهمة نفسها مدربا.
والصعوبة لا تكمن فقط في أنها أول مرة يجد فيها دونجا نفسه في مقعد المدير الفني خلال كأس عالم، ولكن أن يكون ذلك المقعد في قطار البرازيل السريع.
فدونجا يدرك معنى أن تكون مدربا للمنتخب الوحيد في العالم الذي شارك في كل نسخ البطولة، وأكثر فريق حقق اللقب برصيد خمس مرات، ويعلم أنه بخلاف غيره من المدربين، أي نتيجة غير الفوز بالكأس السادسة تعني الفشل.
طريق دونجا
كل الدعوات التي نادت بالسماح لرونالدينيو بارتداء قميص بلاده في جنوب إفريقيا راحت أدراج الرياح، وأصر دونجا على إسقاط مهاجم ميلان من حساباته بعد موسم رآه المدرب الوطني متواضعا من ساحر برشلونة السابق.
كذلك خالف دونجا آمال محبي أدريانو لاعب فلامنجو الذي سجل 19 هدفا في 30 مباراة لعبها الموسم الحالي، ورافقه في الغياب عن قائمة المونديال ألكسندر باتو.
وحل مكانهما جرافيتي مهاجم فولفسبورج الذي لم يلعب إلا مباراتين لراقصي السامبا لكنه سجل خمسين هدفا مع ناديه الألماني حامل لقب الدوري 08-2009 وجوليو بابتيستا البديل الدائم في حسابات فريق روما الإيطالي.
ورد دونجا "الجميع يسأل عمن في القائمة وخارجها، ويظل الأمر هكذا على مدرب المنتخب ويتزايد الضغط، الكل يقترح نجومه المفضلين، لكني سأسلك طريقي الخاص".
وإن كانت البرازيل أول المتأهلين لكأس العالم من أمريكا الجنوبية، إلا أن نتائج السيلساو خلال مشوار التأهل كان مقلقا بعض الشيء، إذ لا يوحي احتواء سجل الفريق على سبعة تعادلات وخسارتين على سيره في الطريق السليم لولا تحقيق دونجا الفوز في تسع مباريات ليضمن التأهل، والذي كان بطعم خاص بعد الفوز على الأرجنتين في أرضها 3-1.
ومهما كانت صعوبة مشوار التأهل، فأمام دونجا ما هو أصعب ليقطعه مع فريقه في إحدى أقوى مجموعات مونديال إفريقيا بعدما جمعت البرازيل بالبرتغال، وجوارهما كوت ديفوار وكوريا الشمالية.
دونجاإلا أن دونجا رفض اعتبار مجموعته استثنائية، قائلا: "لا أحب مصطلحات مجموعة الموت وما خلافه، لكل منافس حساباته الخاصة".
وتابع "كوريا الشمالية فريق مجهول تماما بالنسبة لنا وهذا يجعله صعبا، أما كوت ديفوار فستدفعنا للعمل الشاق من الآن لمواجهتها".
قائمة الفريق .. الموهبة لا تكفي دونجا
بعكس ما اعتادت البرازيل على تقديمه، في عهد دونجا "الموهبة وحدها لا تكفي" بحسب ما صرح ردا على استبعاده لرونالدينيو وأدريانو وباتو ودييجو.
وفسر دونجا "هناك أسباب أخرى يضعها المدرب في حساباته حين يختار قائمة بطولة، روني وأدريانو يملكان الموهبة اللازمة طبعا، لكن في الملعب أحتاج إلى ما هو أكثر".
قائمة دونجا كانت تبدو واضحة منذ زمن بعيد من تصريحاته خلال مبارياته الودية التحضيرية لكأس العالم، فكلماته أشارت إلى أنه يعلم كيف يبني الفريق ومن بالتحديد يملك المواصفات اللازمة لتمثيل البرازيل في المونديال.
كاكا والحارس جوليو سيزار كانا نقطة اتفاق عالمية حتى رغم غياب الأول عن ريال مدريد معظم فترات الموسم للإصابة، إلا أن تألقه في كأس القارات مع بلاده كفل له التواجد في المنتخب.
ويعد ثبات خط ظهر البرازيل أمرا جديدا على راقصي السامبا ومصدر قوة، بعدما اعتمد الفريق في السابق على مدافعين لا يملكون اللازم للدفاع عن القميص الأصفر.
فيملك دونجا على ذمة قائمته المدافع المتميز لوسيو الذي قدم موسما رائعا مع إنتر الإيطالي، وإلى جواره تياجو سيلفا اكتشاف ميلان الجديد وجوان لاعب روما.
كما تملك البرازيل أفضل ظهيري جنب في العالم باجتماع مايكون دوجلاس مع دانيل ألفيش في جيل واحد، وأحيانا يعمد دونجا إلى إشراكهما معا.
ويحتاج دونجا لتلميع ثنائي وسط الملعب مجددا بعدما قدم فيليبي ميلو موسما رديئا مع يوفنتوس وتقدم العمر بجيلبرتو سيلفا.
لكن الأزمة الحقيقية التي على دونجا حلها هي مركز الظهير الأيسر الذي لا يجد من يشغله منذ اعتزال روبرتو كارلوس.
ويقدم دونجا حلا جديدا يتمثل في "ميشيل باستوس (لاعب ليون)، فهو لعب جيد جدا معنا، وبعد مباراتين لثلاث بدأت ثقته في نفسه تظهر على مستواه مع الفريق".
كما كشفت كلمات دونجا عن احتمالية الدفع بجرافيتي بقوله "على الجانب الأيمن أفضل راميريس (لاعب بنفيكا البرتغالي) مع الاحتفاظ بدانييل ألفيس (نجم برشلونة) وإيلانو (من جلاتاسراي) أما جرافيتي فيعجبني ما يقدمه حتى الآن وأريده أن ينضج أكثر".
دونجا .. بخبرات آوروبية
الميزة التي جناها المنتخب البرازيلي من تعيين مدير فني حديث العهد بالتدريب، واعتزل منذ فترة قصيرة، أنه فاز برجل ذو خبرات آوروبية.
فرغم قيمة كارلوس ألبرتو باريرا وماريو زاجالو ولويس فيليبي سكولاري التدريبية، إلا أن أي منهم لم يلعب في أوروبا، ما أثر بشكل أو آخر على طريقة تفكيره المهنية.
أما دونجا، فهو يعمل على الطريقة الآوروبية مستفيدا من خبراته كلاعب سابق في فيورنتينا الإيطالي وشتوتجارت الألماني.
أعاد دونجا الانضباط والالتزام للمعسكر البرازيلي، بعد فضائح النجوم يتقدمهم رونالدينيو في 2006 مع باريرا من سهر وتناول لخمر وجلب النساء داخل فندق الفريق.
والأهم - ويتعلق بالجانب الخططي - أن دونجا فرض اسلوبا تكتيكيا يمزج المهارات اللاتينية بالصرامة والالتزام الأوروبي.
فما فعله دونجا داخل الملعب أن بدل طريقة اللعب لتصبح آمنة دفاعيا بشكل أكبر إذ يعتمد الفريق حاليا على لويس فاباينو مهاجما وحيدا، مع وجود خماسي في الوسط.
وأضاف دونجا ارتكازا إضافيا ذو صبغة دفاعية إلى الفريق، ليصبح الاعتماد على ثنائي وسط يتقدمه كاكا مع روبينيو وإيلانو خلف فابيانو.
وكانت النتيجة فوز الفريق بكأس أمريكا اللاتينية للأمم (كوبا أمريكا) ثم التتويج بكأس القارات، ما عزز موقع دونجا قبل الاختبار الأصعب والأهم في جنوب إفريقيا.
البرازيل 2010 .. يأتي اللاعبون ويذهبون ويبقى السيلساو مرشحا فوق العادة